الف امراة وفتام مصرية للانتخابات المحلية والنيابية
الناشطة الحقوقية نهاد أبوالقمصان نظمت مؤتمراً حاشداً بفندق بيراميزا، بالجيزة يوم الأحد 18 أغسطس، بعنوان أصوات النساء: ألف امرأة وامرأة للمجالس المُنتخبة. وحضر جلسة المؤتمر الافتتاحية الوزيران النشطان خالد عبدالعزيز (الشاب) وغادة والى، وزيرة التضامن.
وكانت الكلمتان الافتتاحيتان من الوزيرين أكثر من مُجرد التحيات والشكليات، حيث سرد كل منهما ما فعلته، أو تنوى وزارته القيام به لدعم مُشاركة المرأة فى الحياة العامة، خلال المرحلة القادمة عموماً، وفى الانتخابات المحلية والبرلمانية خصوصاً.
وقد شاركت حوالى مائة امرأة وفتاة من الناشطات الاجتماعيات، من كل محافظات الجمهورية. وكانت مُداخلات الجيل الجديد من الناشطات عناوين طازجة.
وفى جلسة رأستها الناشطة المُخضرمة أنيسة حسونة، تحدث ثلاثة باحثين مُتخصصين عن أهمية الانتخابات المحلية، خاصة بالنسبة للنساء والفتيات اللائى يرغبن فى خوض الحياة السياسية، وهن أمانى الطويل من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والدكتورة هانيا الشلقانى، أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والدكتور هشام الهلباوى، مستشار وزير الإدارة المحلية.
وقد أبرز المتحدثون الثلاثة الأهمية الحيوية لانتخابات المحليات. فهى، كما يقول السيناتور الأمريكى باتريك ليهى «حيث تبدأ السياسية، وهنا أيضاً تنتهى السياسية». فالإدارة المحلية هى أول وآخر ما يلمسه المواطن فى حياته اليومية ـ من جمع القمامة، إلى توفير المواصلات للأطفال للذهاب إلى مدارسهم، إلى الطُرق التى يستخدمها الآباء والأمهات للذهاب إلى أعمالهم، أو إلى الأسواق والمصالح الحكومية لقضاء حوائجهم، إلى توفير الأمن والأمان، حتى ينام الناس فى منازلهم آمنين، وتوفير الخدمات الأخرى من مرافق المياه والكهرباء والغاز والترويح، من أجل نوعية حياة أصح وأفضل.
ورغم الأهمية القصوى للإدارة المحلية، إلا أنها أيضاً الأكثر فساداً وإفساداً. أولاً، لأنها ترتبط بإصدار التصاريح سواء للبناء أو لإدارة المرافق الخدمية، وكلها من الضروريات، ولإلحاح الحاجة إليها، ولصعوبة الرقابة على كل كبيرة وصغيرة فيها، فإنها تصبح مجالاً للوساطة والرشاوى والمحسوبية.
ومن هنا كانت استغاثة الوزيرين، وكل من تحدثوا من منصة المؤتمر أن يُساعد النشطاء الاجتماعيون المحليون فى مُحاصرة فساد المحليات، وذلك بوسيلتين مُتاحتين لهم. الأولى، هى التصدى لانتخابات تلك المجالس، على مستوى القُرى والأحياء، والمُدن. أى بعكس القانون الاقتصادى المعروف، حيث تطرد العُملات الرخيصة العملات الثمينة، فالمطلوب هنا هو أن تطرد العناصر الطيبة تلك الفاسدة.
والثانية، هى الرقابة النشطة على أداء من هم فى مواقع السُلطة واتخاذ القرار. فهذه الرقابة، وما تنطوى عليه من إطلاق صفّارات التنبيه، ثم الإنذار على الموظفين العموميين، من الغفير إلى الوزير، هى خير ضابط لأداء المجالس المحلية. هذا بالإضافة إلى سُرعة جهات التحقيق، عندما ينُم إلى عِلمها مُخالفات إدارية أو اعتداءات على المال العام.
وطالب عدد من المُشاركين باستحداث أدوات للضبط الاجتماعى والإدارى، وفى مقدمتها الإعلام، الذى اشتكى معظم المُشاركين من أنه لا يتركز فقط فى المُدن الكُبرى، ولكن تحديداً فى القاهرة، عاصمة البلاد.
لذلك مما أُثير من القاعة، ولقى استحساناً كبيراً، هو ضرورة النص صراحة فى قانون الإدارة المحلية على ألا تقل نسبة المنتخبات فى المجالس المحلية من الإناث عن خمسين فى المائة، ومن الشباب تحت الأربعين من أعمارهم، عن 25 فى المائة. فتلكما هما نسبتهما فى إجمالى السُكان فى الوقت الحاضر. ولا ينبغى التعلل هنا أو الاعتذار بمحدودية خبرة هاتين الشريحتين ـ حيث إنه فى غياب المُمارسة الديمقراطية الحقيقية فى مصر، فإن الشرائح العُمرية الأكبر عُمراً ليست بالضرورة أكثر خبرة. ثم إن الخبرة لا تُكتسب، ولن تُكتسب، ما دام الكهول والكبار فى مواقع المسؤولية، ولا يتركونها بمحض إرادتهم، ولكن فقط عند التقاعد أو الوفاة!
هذا، فى الوقت الذى يُقر فيه الجميع بأن الذين قاموا بالثورة، ومن استُشهد منهم، كانوا من الشباب، لا من الكهول أو الشيوخ. ومع ذلك فقد اختطف الكهول والشيوخ الثورة ممن قاموا بها واستشهدوا فى سبيلها، وينبغى تصحيح هذا الوضع، لا بإقصاء الشيوخ والكهول، ولكن باستحداث أو تفعيل النصوص التى تسمح أو تفرض حصة معلومة لهذه الشرائح المحرومة والمهضومة.
وقد أدت هذه الصراحة إلى فتح شهية كل المحرومين والمهضومين، من ذلك أن من دعتهم منظمة المؤتمر، المُحامية نهاد أبوالقمصان، من الصعيد والمحافظات الحدودية ـ البحر الأحمر، وأسوان، وسيناء، والواحات ـ انتهزوا الفرصة، لكى يُعبّروا عن مظلوميتهم التاريخية، كمناطق محرومة من الرعاية المادية والمعنوية. ومصداق ذلك أن إحدى العقوبات الأدبية للموظفين المُقصرين، هو الأمر بنقلهم إلى إحدى هذه المحافظات الحدودية! فضلاً عما ينطوى عليه ذلك من امتهان بتلك المحافظات، فإنه يجعل منها مستودعاً للنقابات الإدارية الكسولة والفاسدة.
وهكذا انتهى المؤتمر الذى كان مُخصصاً للتنويه وتشجيع النساء على المُشاركة السياسية وخوض انتخابات المحليات، إلى إثارة كل مواجع الوطن والمواطنين. وقد نوّهت بذلك شاعرة وطنية، هى فاطمة المصرية من الأقصر بأبيات بليغة من الشعر بالعامية، أضحكت بعض المشاركين، وأبكت البعض الآخر.
فلا حول ولا قوة إلا بالله