تعدد الصور النمطية للمرأة فى الإعلام العربى

تعدد الصور النمطية للمرأة فى الإعلام العربى

مع تعدد وسائل الإعلام وانتشارها لم يكن للمرأة النصيب الكافى منها، من حيث الحضور والتناول، مقارنة بالطفرات التى شهدها دورها ومشاركتها فى المجتمع، بل على العكس من ذلك، لا تزال الصورة النمطية القديمة التى سبق وأن تناولتها وسائل الإعلام التقليدية حينما كانت تنفرد بالساحة الإعلامية.


وقد كان من المتوقع أن يحدث تغيير ملموس فى صورة المرأة فى الإعلام عقب التحولات التى شهدتها المنطقة، والدور الذى لعبته المرأة فى بلورة هذه التحولات، غير أن ذلك لم ينعكس بالقدر الكافى، وهو ما يدفع فى اتجاه البحث عن سبل تحسين هذه الصورة لتواكب الدور المتعاظم الذى باتت تلعبه المرأة فى المنطقة، من جهة.


***


فى ظل وجود العديد من التقارير الصادرة عن جهات ومنظمات معنية بمراقبة وتقييم وسائل الإعلام العالمية والإقليمية ومدى حرصها على تناول قضايا المرأة ومشاكلها وعكس واقعها بشكل منصف، وبالتالى إظهار جهد أو تقصير بعض الدول فى هذا الإطار، تتضح بعض الحقائق لعل أهمها، أن الصورة النمطية عن المرأة فى الإعلام العربى ما هى إلا امتداد لصورة نمطية مشابهة فى كثير من محدداتها للتناول العالمى للمرأة. ومن أهم هذه الجهات المعنية برصد وقياس توجهات وسائل الإعلام العالمية للمرأة وقضاياها، وكيفية التناول ومضمونه، تأتى منظمة «World Association for Christian Communication» وكذلك «الشبكة العربية لرصد وتغيير صورة المرأة والرجل فى الإعلام»، وتشير نتائج تقرير «Who Makes The News?» لعام 2015، والذى اعتمد فى تحليله الرصدى لوسائل الإعلام حول العالم على مراقبة 22134 محتوى إعلاميا منشورا تلفزيونيا وإذاعيا وصحفيا، أو من خلال تغريدات على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، فى 114 دولة حول العالم، إلى أن ظهور وتناول الرجل أو استخدامه كمصدر للخبر فى المواد الإعلامية على المستوى العالمى يأتى بقدر يفوق ثلاثة أضعاف المرأة؛ حيث تبلغ نسبة تناول المرأة أو استخدامها كمصدر للأخبار 24% فقط، مقابل 76% للرجال، وهى النسبة نفسها التى حصلت عليها فى التقرير السابق المعد عام 2010، فى حين وصلت نسبة تناول المرأة واستخدامها كمصدر للأخبار فى التقرير الصادر عام 2005 إلى 17%، الأمر الذى يشير إلى استمرار الفجوة بين الطرفين فى تناول وسائل الإعلام حول العالم.


***


تتعدد محدِدات الصور الذهنية للمرأة فى الإعلام العربى، لكن يُمكن إجمالها فى نقاط أساسية أهمها:
1ــ التركيز على دور المرأة فى الترويج للسلع: وهو الاتجاه الغالب فى وسائل الإعلام ليست العربية فقط، وإنما العالمية أيضا، غير أن اتباع هذا النهج الغربى يُعد أمرا محيرا إلى حدٍ كبير، نظرا لطبيعة المجتمعات العربية، إذ يلاحظ استغلال صورة المرأة فى الإعلانات والبرامج الترفيهية والأغانى المصورة، حيث لا يكاد يخلو إعلان ترويجى أو برنامج ترفيهى أو أغنية مصورة من العنصر النسائى.


2ــ إلقاء الضوء على كون المرأة مستهلكة لا منتجة: فعلى الرغم من وجود العديد من البرامج التلفزيونية والمجلات المتخصصة لمخاطبة المرأة والاهتمام بشئونها، فقد أسهمت هذه الإصدارات فى تعزيز الصورة الاستهلاكية للمرأة، وكأن هذا هو محور اهتمام المرأة العربية فقط، دون إفراد مساحات مماثلة لدور المرأة المنتجة فى المجتمع.


3ــ قولبة المرأة فى نموذجين: تتناول أغلب وسائل الإعلام دور المرأة إما فى إطار اجتماعى أو فى إطار عملى، وبالتالى تساهم فى تكريس صورة ذهنية على المتلقية لها بأن تختار ما بين أن تكون ناجحة عمليا، أو ناجحة أسريا، إذ تندر النماذج المقدمة دراميا ــ على سبيل المثال ــ القادرة على الجمع بين النجاح العملى والأسرى. فى حين لا ينبغى التقليل من شأن تأثير الدراما على الشابات الصغيرات.